باب فضل قيام ليلة القدر وبيان أرجى لياليها
باب فضل قيام ليلة القدر وبيان أرجى لياليها
تطريز رياض الصالحين
قال الله تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة القدر} [القدر (1)] إلى آخر السورة.
----------------
قوله تعالى: {إنا أنزلناه}، أي: القرآن، {في ليلة القدر}، أي: الفضل والشرف، وهي ليلة يقدر الله فيها أمر السنة في عباده وبلاده إلى السنة المقبلة. قيل للحسين بن الفضل: أليس قد قدر لله المقادير قبل أن يخلق السموات والأرض؟ قال: نعم، قيل: فما معنى ليلة القدر؟ قال: سوق المقادير التي خلقها إلى المواقيت تنفيذ القضاء المقدر. قال ابن عباس وغيره: أنزل الله القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة من السماء الدنيا، ثم نزل مفصلا بحسب الوقائع في ثلاث وعشرين سنة. {وما أدراك ما ليلة القدر} تعظيم لشأنها. {ليلة القدر خير من ألف شهر}، أي: العمل فيها أفضل من عبادة ألف شهر. {تنزل الملائكة والروح}، أي: جبريل فيها. {بإذن ربهم} مع نزول البركة والرحمة. {من كل أمر}، أي: لأجل كل أمر قدر في تلك السنة. {سلام هي}، أي: ليلة القدر، سلام وخير من كلها ليس فيها شر. وقال مجاهد: يعني أن ليلة القدر سالمة لا يستطيع الشيطان أن يعمل فيها سوءا ولا أن يحدث فيها أذى. {حتى مطلع الفجر}، أي: إلى مطلع الفجر. وقال الشعبي: تسليم الملائكة ليلة القدر على أهل المساجد حتى يطلع الفجر.
باب فضل قيام ليلة القدر وبيان أرجى لياليها
تطريز رياض الصالحين
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه». متفق عليه.
----------------
في هذا الحديث: أن من قام ليلة القدر مؤمنا بها ومحتسبا العمل فيها، أنه يرجى له مغفرة ذنوبه.
باب فضل قيام ليلة القدر وبيان أرجى لياليها
تطريز رياض الصالحين
عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رجالا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أروا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:... «أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر، فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر». متفق عليه.
----------------
قال الحافظ: في الحديث دلالة على عظم قدر الرؤيا، وجواز الاستناد إليها في الاستدلال على الأمور الوجودية، بشرط أن لا تخالف القواعد الشرعية.
باب فضل قيام ليلة القدر وبيان أرجى لياليها
تطريز رياض الصالحين
عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجاور في العشر الأواخر من رمضان، ويقول: «تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان». متفق عليه.
----------------
قوله: «يجاور»، أي: يعتكف في العشر الأواخر يتحرى ليلة القدر فيها.
باب فضل قيام ليلة القدر وبيان أرجى لياليها
تطريز رياض الصالحين
عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان». رواه البخاري.
----------------
قوله: «في الوتر» أي: الحادية والعشرين، والثالثة، والخامسة، والسابعة، والتاسعة. قال الحافظ: ليلة القدر منحصرة في رمضان، ثم في العشر الأخير منه، ثم في أوتاره لا في ليلة بعينها، وهذا هو الذي يدل عليه مجموع الأخبار الواردة فيها. وقال بعد ما ذكر الاختلاف فيها على ستة وأربعين قولا: وأرجحها كلها أنها في وتر من العشر الأخير، وإنما تنتقل، وأرجاها عند الجمهور ليلة سبعة وعشرين.
باب فضل قيام ليلة القدر وبيان أرجى لياليها
تطريز رياض الصالحين
عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل العشر الأواخر من رمضان، أحيا الليل، وأيقظ أهله، وجد وشد المئزر. متفق عليه.
----------------
في هذا الحديث: استحباب إحياء ليالي العشر بالصلاة والذكر والفكر وأنواع العابدات. وفيه: استحباب إيقاظ الأهل، وبذل الجهد في الطاعة، واعتزال النساء في ليالي العشر ليتقوى على العبادة.
باب فضل قيام ليلة القدر وبيان أرجى لياليها
تطريز رياض الصالحين
عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجتهد في رمضان ما لا يجتهد في غيره، وفي العشر الأواخر منه ما لا يجتهد في غيره. رواه مسلم.
----------------
فيه: دليل على استحباب زيادة الاجتهاد بالعمل في رمضان على غيره من الشهور، وفي العشر الأواخر منه على العشرين لكون ليلة القدر فيها.
باب فضل قيام ليلة القدر وبيان أرجى لياليها
تطريز رياض الصالحين
عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت: يا رسول الله، أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال: «قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني». رواه الترمذي، وقال: (حديث حسن صحيح).
----------------
فيه: إيماء إلى أن أهم المطالب، انفكاك الإنسان من تبعات الذنوب، وطهارته من دنس العيوب. قال العلماء: الحكمة في إخفاء ليلة القدر ليحصل الاجتهاد، وفي التماسها بخلاف ما لو عينت لها ليلة لاقتصر عليها، كما تقدم نحوه في ساعة الجمعة.