باب فضل بر أصدقاء الأب
باب فضل بر أصدقاء الأب
تطريز رياض الصالحين
عن عبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن رجلا من الأعراب لقيه بطريق مكة، فسلم عليه عبد الله بن عمر، وحمله على حمار كان يركبه، وأعطاه عمامة كانت على رأسه، قال ابن دينار: فقلنا له: أصلحك الله، إنهم الأعراب وهم يرضون باليسير، فقال عبد الله بن عمر: إن أبا هذا كان ودا لعمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن أبر البر صلة الرجل أهل ود أبيه». وفي رواية عن ابن دينار، عن ابن عمر: أنه كان إذا خرج إلى مكة كان له حمار يتروح عليه إذا مل ركوب الراحلة، وعمامة يشد بها رأسه، فبينا هو يوما على ذلك الحمار إذ مر به أعرابي، فقال: ألست فلان بن فلان؟ قال: بلى. فأعطاه الحمار، فقال: اركب هذا، وأعطاه العمامة وقال: اشدد بها رأسك، فقال له بعض أصحابه: غفر الله لك أعطيت هذا الأعرابي حمارا كنت تروح عليه، وعمامة كنت تشد بها رأسك؟ فقال: إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يقول: «إن من أبر البر أن يصل الرجل أهل ود أبيه بعد أن يولي» وإن أباه كان صديقا لعمر - رضي الله عنه -. روى هذه الروايات كلها مسلم.
----------------
في هذا الحديث: الحث على إكرام أصدقاء أبيه، ويقاس عليه أصدقاء الأم وسائر الأقارب.
باب فضل بر أصدقاء الأب
تطريز رياض الصالحين
عن أبي أسيد - بضم الهمزة وفتح السين - مالك بن ربيعة الساعدي - رضي الله عنه - قال: بينا نحن جلوس عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ جاءه رجل من بني سلمة، فقال: يا رسول الله! هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما؟ فقال: «نعم، الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، وإكرام صديقهما». رواه أبو داود.
----------------
الحديث دليل على أن الدعاء للوالدين من البر، وقد قال الله تعالى: {وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا} [الإسراء (24)]. وفيه: الحث على صلة الأرحام وإكرام أصدقاء الوالدين وتنفيذ وصيتهما.
باب فضل بر أصدقاء الأب
تطريز رياض الصالحين
عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما غرت على أحد من نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - ما غرت على خديجة رضي الله عنها، وما رأيتها قط، ولكن كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يكثر ذكرها، وربما ذبح الشاة، ثم يقطعها أعضاء، ثم يبعثها في صدائق خديجة، فربما قلت له: كأن لم يكن في الدنيا امرأة إلا خديجة !. فيقول: «إنها كانت وكانت وكان لي منها ولد». متفق عليه.
----------------
وفي رواية: وإن كان ليذبح الشاة، فيهدي في خلائلها منها ما يسعهن. وفي رواية: كان إذا ذبح الشاة، يقول: «أرسلوا بها إلى أصدقاء خديجة». وفي رواية: قالت: استأذنت هالة بنت خويلد أخت خديجة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فعرف استئذان خديجة، فارتاح لذلك، فقال: «اللهم هالة بنت خويلد». قولها: «فارتاح» هو بالحاء، وفي الجمع بين الصحيحين للحميدي: «فارتاع» بالعين ومعناه: اهتم به. في هذا الحديث: دليل على حسن عهد الصاحب، وحفظ وده، ورعاية حرمته وإكرام صديقه في حياته، وبعد موته.
باب فضل بر أصدقاء الأب
تطريز رياض الصالحين
عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: خرجت مع جرير بن عبد الله البجلي - رضي الله عنه - في سفر، فكان يخدمني، فقلت له: لا تفعل، فقال: إني قد رأيت الأنصار تصنع برسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئا آليت أن لا أصحب أحدا منهم إلا خدمته. متفق عليه.
----------------
وكان جرير أسن من أنس، وجرير سيد بجيلة، فكان يخدم أنسا إكراما للنبي - صلى الله عليه وسلم -، وإحسانا للمنتسب إلى خدمته، ففيه: دليل على إكرام المحسن، وإن كان أصغر منه. وفيه: تواضع جرير وفضيلته رضي الله عنه.