باب الصدق
باب الصدق
تطريز رياض الصالحين
عن ابن مسعود - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: «إن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقا. وإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا».
----------------
البر: اسم جامع للخير كله. والفجور: الأعمال السيئة. قال القرطبي: حق على كل من فهم عن الله أن يلازم الصدق في الأقوال، والإخلاص في الأعمال، والصفاء في الأحوال. فمن كان كذلك لحق بالأبرار، ووصل إلى رضاء الغفار. وقد أرشد تعالى إلى ذلك كله بقوله عند ذكر أحوال الثلاثة التائبين: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين} [التوبة (119)].
باب الصدق
تطريز رياض الصالحين
عن أبي محمد الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما قال: حفظت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك؛ فإن الصدق طمأنينة، والكذب ريبة».
----------------
قوله: «يريبك» هو بفتح الياء وضمها: ومعناه اترك ما تشك في حله واعدل إلى ما لا تشك فيه. معنى هذا الحديث: يرجع إلى الوقوف عند الشبهات، ومن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه. وفيه إشارة إلى الرجوع إلى القلوب الطاهرة والنفوس الصافية عند الاشتباه، فإن نفس المؤمن جبلت على الطمأنينة إلى الصدق، والنفر من الكذب.
باب الصدق
تطريز رياض الصالحين
عن أبي سفيان صخر بن حرب - رضي الله عنه - في حديثه الطويل في قصة هرقل، قال هرقل: فماذا يأمركم - يعني: النبي - صلى الله عليه وسلم - قال أبو سفيان: قلت: يقول: «اعبدوا الله وحده لا تشركوا به شيئا، واتركوا ما يقول آباؤكم، ويأمرنا بالصلاة، والصدق، والعفاف، والصلة».
----------------
الصدق من أشرف مكارم الأخلاق، وهو محبوب عند الخالق والمخلوق. والعفاف: الكف عن المحارم، وخوارم المروءة.
باب الصدق
تطريز رياض الصالحين
عن أبي ثابت، وقيل: أبي سعيد، وقيل: أبي الوليد، سهل بن حنيف وهو بدري - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من سأل الله تعالى الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه».
----------------
في هذا الحديث: أن من نوى شيئا من أعمال البر صادقا من قلبه أثيب عليه، وإن لم يتفق له ذلك.
باب الصدق
تطريز رياض الصالحين
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «غزا نبي من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم فقال لقومه: لا يتبعني رجل ملك بضع امرأة وهو يريد أن يبني بها ولما يبن بها، ولا أحد بنى بيوتا لم يرفع سقوفها، ولا أحد اشترى غنما أو خلفات وهو ينتظر أولادها. فغزا فدنا من القرية صلاة العصر أو قريبا من ذلك، فقال للشمس: إنك مأمورة وأنا مأمور، اللهم احبسها علينا، فحبست حتى فتح الله عليه، فجمع الغنائم فجاءت - يعني النار - لتأكلها فلم تطعمها، فقال: إن فيكم غلولا، فليبايعني من كل قبيلة رجل، فلزقت يد رجل بيده فقال: فيكم الغلول فلتبايعني قبيلتك، فلزقت يد رجلين أو ثلاثة بيده، فقال: فيكم الغلول، فجاؤوا برأس مثل رأس بقرة من الذهب، فوضعها فجاءت النار فأكلتها. فلم تحل الغنائم لأحد قبلنا، ثم أحل الله لنا الغنائم لما رأى ضعفنا وعجزنا فأحلها لنا».
----------------
«الخلفات» بفتح الخاء المعجمة وكسر اللام: جمع خلفة وهي الناقة... الحامل. في هذا الحديث: أن فتن الدنيا تدعو النفس إلى الهلع ومحبة البقاء. وفيه: أن الأمور المهمة لا ينبغي أن تفوض إلا لحازم فارغ البال لها. قال القرطبي: نهي النبي قومه عن اتباعه على أحد هذه الأحوال؛ لأن أصحابها يكونون متعلقي النفوس بهذه الأسباب فتضعف عزائمهم، وتفتر رغباتهم في الجهاد والشهادة، وربما يفرط ذلك التعلق فيفضي إلى كراهة الجهاد وأعمال الخير. ومقصود هذا النبي - صلى الله عليه وسلم - تفرغهم من العوائق والاشتغال إلى تمني الشهادة بنية صادقة، وعزم حازم، ليتحصلوا على الحظ الأوفر والأجر الأكبر.
باب الصدق
تطريز رياض الصالحين
عن أبي خالد حكيم بن حزام - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما».
----------------
في هذا الحديث: فضل الصدق والحث عليه، وذم الكذب والتحذير منه، وإنه سبب لذهاب البركة. وفيه: دليل على ثبوت خيار المجلس للبائع والمشتري.