الحديث الرابع والعشرون
حديث شريف
عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل أنه قال: { يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا، يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهديكم. يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم. يا عبادي كلكم عارٍ إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم. يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار، وأنا أغفر الذنوب جميعاً فاستغفروني أغفر لكم. يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني. يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقض ذلك من ملكي شيئاً. يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني، فأعطيت كل واحد مسألته، ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر. يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أفيكم إياها، فمن وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومنَّ إلا نفسه }.
حديث شريف
الفائدة الرابعة عشر: يدل الحديث على حاجة الإنسان إلى الهداية في كل لحظات حياته، قال ابن تيمية رحمه الله: " والذنوب من لوازم النفس وهو محتاج إلى الهداية كل لحظة، وهو إلى الهدى أحوج منه إلى الأكل والشرب " أ. هـ.
وقال رحمه الله أيضاً موضحاً ذلك " ولهذا أمرنا الله أن نستهديه فقال " فاستهدوني " وأما السؤال من يقول فقد هداهم للإيمان فلا حاجة لهم إلى الهدى وجواب من يجيب بأن المطلوب دوام الهداية فكلام من لا يعرف حال الإنسان وما أمر به فإن الصراط المستقيم حقيقته: أن تفعل كل وقت ما أمرت به في ذلك الوقت من علم وعمل ولا تفعل ما نهيت عنه وعلى أن يحصل له إرادة جازمة لفعل المأمور وكراهة جازمة لترك المحظور، وهذا العلم المفصل والإرادة المفصلة لا يتصور أن يحصل للعبد في وقت واحد، بل كل وقت يحتاج أن يجعل الله في قلبه من العلوم والإرادات ما يهوى به في ذلك الوقت " أ.هـ.
حديث شريف
الفائدة الحادية والثلاثون: الثواب والعقاب يكون على الأعمال ويتجاوز الله عن السيئات ويعفو عمن يشاء، ويدخل الجنة من يشاء بفضله. الفائدة الثانية والثلاثون: على الإنسان أن يرجع سبب ما يصيبه من خير إلى الله سبحانه، وما يصيبه من شر إلى نفسه ويتهمها في ذلك كما قال " {مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِك َ} (79) سورة النساء وقد قال في حديث الباب " إنما هي أعمالكم ".