باب فضل الذكر والحث عليه
باب فضل الذكر والحث عليه
تطريز رياض الصالحين
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن فقراء المهاجرين أتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: ذهب أهل الدثور بالدرجات العلى، والنعيم المقيم، يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ولهم فضل من أموال، يحجون، ويعتمرون، ويجاهدون، ويتصدقون. فقال: «ألا أعلمكم شيئا تدركون به من سبقكم، وتسبقون به من بعدكم، ولا يكون أحد أفضل منكم إلا من صنع مثل ما صنعتم؟» قالوا: بلى يا رسول الله، قال: «تسبحون، وتحمدون، وتكبرون، خلف كل صلاة ثلاثا وثلاثين». قال أبو صالح الراوي عن أبي هريرة، لما سئل عن كيفية ذكرهن قال: يقول: سبحان الله، والحمد لله والله أكبر، حتى يكون منهن كلهن ثلاثا وثلاثين. متفق عليه.
----------------
وزاد مسلم في روايته: فرجع فقراء المهاجرين إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: سمع إخواننا أهل الأموال بما فعلنا ففعلوا مثله؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء». في هذا الحديث: فضيلة الذكر. وفيه: أن العالم إذا سئل عن مسألة يقع فيها الخلاف أن يجيب بما يلحق به المفضول درجة الفاضل، ولا يجيب بنفس الفاضل لئلا يقع الخلاف. وفيه: التوسعة في الغبطة، والفرق بينها وبين الحسد المذموم. وفيه: المسابقة إلى الأعمال المحصلة للدرجات العالية، لمبادرة الأغنياء إلى العمل بما بلغهم. وفيه: أن العمل السهل قد يدرك به صاحبه فضل العمل الشاق. وفيه: أن العمل القاصر قد يساوي المتعدي. «الدثور» جمع دثر - بفتح الدال وإسكان الثاء المثلثة - وهو: المال الكثير.