باب تحريم الغيبة والأمر بحفظ اللسان
باب تحريم الغيبة والأمر بحفظ اللسان
تطريز رياض الصالحين
قال تعالى: {ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد} [ق: 18].
----------------
أي: ما يتكلم من كلام إلا وله حافظ يكتبه. قال ابن عباس: ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد، قال: يكتب كلما يتكلم به من خير أو شر حتى إنه ليكتب قوله: أكلت. شربت. ذهبت. جئت. رأيت. حتى إذ كان يوم الخميس عرض قوله وعمله، فأقر منه ما كان فيه من خير أو شر، وألقي سائره، وذلك قوله تعالى: {يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب} [الرعد (39)]. وقال الحسن البصري: وتلا هذه الآية: {عن اليمين وعن الشمال قعيد} [ق (17)]، يا ابن آدم، بسطت لك صحيفة، ووكل بك ملكان كريمان، أحدهما عن يمينك، والآخر عن شمالك. أما الذي عن يمينك فيحفظ حسناتك، وأما الذي عن يسارك فيحفظ سيآتك. فاعمل ما شئت، أقلل أو أكثر، حتى إذا مت طويت صحيفتك، وجعلت في عنقك معك في قبرك، حتى تخرج يوم القيامة. فعند ذلك يقول تعالى {وكل إنسان ألزمناه طآئره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا * اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا} [الإسراء (13، 14)]، ثم يقول: عدل - والله - من جعلك حسيب نفسك. اعلم أنه ينبغي لكل مكلف أن يحفظ لسانه عن جميع الكلام إلا كلاما ظهرت فيه المصلحة، ومتى استوى الكلام وتركه في المصلحة، فالسنة الإمساك عنه، لأنه قد ينجر الكلام المباح إلى حرام أو مكروه، وذلك كثير في العادة، والسلامة لا يعدلها شيء. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه».