باب في اليقين والتوكل
باب في اليقين والتوكل
تطريز رياض الصالحين
عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «عرضت علي الأمم، فرأيت النبي ومعه الرهيط، والنبي ومعه الرجل والرجلان، والنبي وليس معه أحد إذ رفع لي سواد عظيم فظننت أنهم أمتي فقيل لي: هذا موسى وقومه، ولكن انظر إلى الأفق، فنظرت فإذا سواد عظيم، فقيل لي: انظر إلى الأفق الآخر، فإذا سواد عظيم، فقيل لي: هذه أمتك ومعهم سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب»، ثم نهض فدخل منزله فخاض الناس في أولئك الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب، فقال بعضهم: فلعلهم الذين صحبوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال بعضهم: فلعلهم الذين ولدوا في الإسلام فلم يشركوا بالله شيئا - وذكروا أشياء - فخرج عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: «ما الذي تخوضون فيه؟» فأخبروه فقال: «هم الذين لا يرقون، ولا يسترقون، ولا يتطيرون؛ وعلى ربهم يتوكلون» فقام عكاشة بن محصن، فقال: ادع الله أن يجعلني منهم، فقال: «أنت منهم». ثم قام رجل آخر، فقال: ادع الله أن يجعلني منهم، فقال: «سبقك بها عكاشة». متفق عليه.
----------------
«الرهيط» بضم الراء تصغير رهط: وهم دون عشرة أنفس،... و «الأفق» الناحية والجانب. و «عكاشة» بضم العين وتشديد الكاف وبتخفيفها، والتشديد أفصح. قوله: «لا يرقون ولا يسترقون»، أي: لا يرقون غيرهم بالرقية المكروهة ولا يطلبون من الغير أن يرقاهم توكلا على الله. فالرقية مباحة ولا كراهة فيها إذا كانت بالقرآن أو الأدعية المعروفة. وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «لا بأس بالرقى ما لم تكن شركا». قال القرطبي: الرقى والاسترقاء: ما كان منه برقى الجاهلية أو بما لا يعرف فواجب اجتنابه على سائر المسلمين.