فوائد من كتاب التهجد وقيام الليل
حكمــــــة
عن شهر بن حوشب قال إذا قام العبد من الليل تبشبشت له الأرض واستنار له موضع مصلاه وفرح به عمار داره من مسلمي الجن فاستمعوا لقراءته وأمنوا على دعائه فإذا انقضت عنه ليلته أوصت به الليلة المستأنفة فقالت كوني عليه خفيفة نبهيه لساعته وارحمي طول سهره إذ نام البطالون على فرشهم ثم تتولى عنه ليلته تلك وتسلمه إلى النهار وتقول له عند فراقها إياه أستودعك الذي استعملك في بطاعته وجعلني لك في القيامة شهيدا قال ويقول له النهار في آخره مثل ذلك
حكمــــــة
عن محمد بن قيس قال بلغني أن العبد إذا قام من الليل للصلاة تناثر عليه البر من عنان السماء إلى مفرق رأسه وهبطت عليه الملائكة تستمع لقراءته واستمع له عمار داره وسكان الهواء فإذا فرغ من صلاته وجلس في الدعاء أحاطت به الملائكة وتؤمن على دعائه فإن هو اضطجع بعد ذلك نودي نم قرير العين مسرورا نم فخير نائم على خير عمل.
حكمــــــة
عن عمر بن ذر يذكر عن أبيه قال بلغني أن العبد إذا قام من الليل للصلاة لم يسمعه شيء من خلق الله إلا استحلى تهجده فدعا له بخير قال وإن سكان الهواء وجنان البيوت يستمعون لقراءته ويصلون بصلاته وإن ليلته تلك لتوصي به الليلة المستقبلة فتقول كوني عليه خفيفة وتيقظيه لساعته فنعم الصاحب ونعم الناظر لنفسه وإن البر ليتناثر على رأسه إذا هو قام إلى التهجد.
حكمــــــة
كان عمر إذا قام من الليل قال اللهم قد ترى مكاني وتعلم حاجتي فارجعني الليلة من عندك مفلحا منجحا مستجيبا مستجابا لي قد رحمتني وغفرت لي فإذا قضى صلاته قال اللهم إني لا أرى شيئا من أمر الدنيا يدوم ولا أرى حالا فيها يستقيم فاجعلني أنطق فيها بعلم وأصمت فيها بحلم اللهم لا تكثر لي من الدنيا فأطغى ولا تقل لي منها فأنسى فإنه ما قل وكفى خير مما كثر وألهى.
حكمــــــة
كان خليفة العبدي جارا لنا بالبحرين فكان يقوم إذا هدأت العيون فيقول اللهم إليك قمت أبتغي ما عندك من الخيرات ثم يعمد إلى محرابه فلا يزال يصلي حتى يطلع الفجر وكان يدعو في السجود ويقول هب لي إنابة إخبات وإخبات منيب وزيني في خلقك بطاعتك وحسني لديك بحسن خدمتك وكرمني إذا وفد إليك المتقون فأنت خير مسئول وخير معبود وخير مشكور وخير محمود.
حكمــــــة
كان خليفة العبدى إذا دعا في السحر يقول قام الطالبون وقمت معهم قمنا إليك ونحن متعرضون لجودك وكم من ذي جرم عظيم قد صفحت له عن جرمه وكم من ذي كرب عظيم قد فرجت له عن كربه وكم من ذي ضر كثير قد كشفت له عن ضره فبعزتك ما دعانا إلى مسألتك بعد ما انطوينا عليه من معصيتك إلا الذي عرفتنا من جودك وكرمك فأنت المؤمل لكل خير والمرجو عند كل نائبة.
حكمــــــة
عن رجاء بن مسلم العبدي قال كنا نكون مع عجرده العمية في الدار قال فكانت تحيي الليل صلاة قال وربما كانت تقوم من أول الليل إلى السحر فإذا كان السحر نادت بصوت لها محزون إليك قطع العابدون دجى الليالي بتبكير الدلج إلى ظلم الأسحار يستبقون إلى رحمتك وفضل مغفرتك فبك إلهي لا بغيرك أسألك أن تجعلني في أول زمرة السابقين إليك وان ترفعني إليك في درجة المقربين وان تلحقني بعبادك الصالحين فأنت أكرم الكرماء وأرحم الرحماء وأعظم العظماء يا كريم قال ثم تخر ساجدة يسمع وجبة سقوطها فلا تزل تبكي وتدعو في سجودها حتى يطلع الفجر وكان ذلك دأبها ثلاثين سنة.
حكمــــــة
كان محارب بن دثار قاضي أهل الكوفة يقول فى الليل ويرفع صوته: أنا الصغير الذي ربيته فلك الحمد وأنا الضعيف الذي قويته فلك الحمد وأنا الفقير الذي أغنيته فلك الحمد وأنا الصعلوك الذي مولته فلك الحمد وأنا العزب الذي زوجته فلك الحمد وأنا الساغب الذي أشبعته فلك الحمد أنا العاري الذي كسوته فلك الحمد وأنا المسافر الذي صاحبته فلك الحمد وأنا الغائب الذي أديته فلك الحمد وأنا الراجل الذي حملته فلك الحمد وأنا المريض الذي شفيته فلك الحمد وأنا السائل الذي أعطيته فلك الحمد وأنا الداعي الذي أجبته فلك الحمد ربنا ولك الحمد ربنا حمدا على حمد.
حكمــــــة
عن رجل من قيس يكنى أبا عبد الله قال بينا أنا ذات ليلة عند الحسن فقام من الليل يصلي فلم يزل يردد هذه الآية حتى أسحر " وإن تعدوا نعمت الله لا تحصوها " (إبراهيم: 34)فلما أصبح قلنا يا أبا سعيد لم تكن تجاوز هذه الآية ساير الليلة قال إن فيها معتبرا ما ترفع طرفا ولا ترد إلا وقع على نعمة وما لا نعلم من نعم الله أكثر.
حكمــــــة
قال رجل صحبت عامر بن عبد قيس أربعة أشهر ما رأيته نام بليل ولا نهار حتى فارقته قال وكان له رغيفان قد جعل عليهما ودكا قال فيفطر على واحد ويتسحر بالآخر وكان إذا جاء الليل قام يصلي حتى يصبح وإذا جاء النهار علمنا القرآن حتى تمكن له الصلاة ثم يقوم فلا يزال يصلي حتى العصر ثم يعلمنا القرآن حتى يمسي فإذا جاء الليل قام فصلى حتى يصبح وكان يفعل ذلك أربعة أشهر فما رأيته نائما بليل ولا نهار.
حكمــــــة
كان زمعة نازلا عندنا بالحصيب وكان له أهل وبنات وكان يقوم فيصلي ليلا طويلا فإذا كان السحر نادى بأعلى صوته يا أيها الركب المعرسون كل هذا الليل ترقدون ألا تقوم فترحلون قال فيتواثبون فتسمع من هاهنا باكيا ومن هاهنا داعيا ومن هاهنا قارئا ومن هاهنا متوضئا فإذا طلع الفجر نادى بأعلى صوته عند الصباح يحمد القوم السرى.
حكمــــــة
قام زبيد الأيامي ذات ليلة للتهجد فعمد إلى مطهرة له قد كان يتوضأ منها فغمس يديه في المطهرة فوجد الماء باردا شديدا كاد أن يجمد من شدة برده فذكر الزمهرير ويده في المطهر فلم يخرجها منها حتى أصبح فجاءت الجارية وهو علي تلك الحال فقالت ما شأنك يا سيدي لم تصل الليلة كما كنت تصلي وأنت هاهنا قاعد على هذه الحال قال ويحك إني أدخلت يدي في هذه المطهرة فاشتد علي برد الماء فذكرت به الزمهرير فوالله ما شعرت بشدة برده حتى وقفت علي انظري أن لا تحدثي بها أحدا مادمت حيا قال فما علم بذلك أحد حتى مات رحمه الله.
حكمــــــة
قالت أم محمد بن كعب القرظي لمحمد يا بني لولا أني أعرفك صغيرا طيبا وكبيرا طيبا لظننت أنك قد عملت ذنبا موبقا لما أراك تصنع بنفسك بالليل والنهار قال يا أمتاه وما يؤمني أن يكون الله قد اطلع علي وأنا في بعض ذنوبي فمقتني فقال اذهب فلا أغفر لك مع أن عجائب القرآن ترد بي على أمور حتى إنه لينقضي الليل ولم أفرغ من حاجتي.
حكمــــــة
عن سفيان قال زار قيس بن مسلم محمد بن جحادة ذات ليلة قال فأتاه وهو في المسجد بعد صلاة العشاء قال ومحمد قائم يصلي قال فقام قيس بن مسلم في الناحية الأخرى يصلي فلم يزالا على ذلك حتى طلع الفجر قال وكان قيس بن مسلم إمام مسجده قال فرجع إلى الحي فأمهم ولم يلتقيا ولم يعلم محمد بمكانه قال فقال له أهل المسجد زارك أخوك قيس بن مسلم البارحة فلم تنفتل إليه قال ما علمت بمكانه قال فغدا عليه فلما رآه قيس بن مسلم مقبلا قام إليه فاعتنقه ثم حلوا جميعا فجعلا يبكيان.