الله ربى لا أشرك به احدا
باب في اليقين والتوكل
تطريز رياض الصالحين
عن عمر - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصا وتروح بطانا». رواه الترمذي، وقال: (حديث حسن).
----------------
معناه: تذهب أول النهار خماصا: أي ضامرة البطون من الجوع، وترجع آخر النهار بطانا. أي ممتلئة البطون. أي: لو توكلتم على الله في ذهابكم ومجيئكم وتصرفكم لسهل لكم رزقكم.
باب في اليقين والتوكل
تطريز رياض الصالحين
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يدخل الجنة أقوام أفئدتهم مثل أفئدة الطير». رواه مسلم.
----------------
قيل: معناه متوكلون، وقيل: قلوبهم رقيقة. هذا الحديث أصل عظيم في التوكل. وحقيقته: هو الاعتماد على الله عز وجل في استجلاب المصالح ودفع المضار. قال سعيد بن جبير: التوكل جماع الإيمان. واعلم أن التوكل لا ينافي السعي في الأسباب، فإن الطير تغدو في طلب رزقها. وقد قال الله تعالى: {وما من دآبة في الأرض إلا على الله... رزقها} [هود (6)]. قال يوسف بن أسباط: كان يقال: اعمل عمل رجل لا ينجيه إلا عمله، وتوكل توكل رجل لا يصيبه إلا ما كتب له. وفي حديث جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، خذوا ما حل ودعوا ما حرم».
حكمة
روائع الحكمة لابن حزم
ما أدري لسماع عيوب الناس خصلة إلا الاتعاظ بما يسمع المرء منها، فيجتنبها ويسعى في إزالة ما فيه منها بحول الله تعالى وقوته. وأما النطق بعيوب الناس فعيب كبير لا يسوغ أصلاً. والواجب اجتنابه إلا في نصيحة من يتوقع عليه الأذى بمداخلة المعيب أو على سبيل تبكيت المعجب فقط في وجهه لا خلف ظهره، ثم يقول للمعجب ارجع إلى نفسك فإذا ميزت عيوبها فقد داويت عجبك، ولا تمثل بين نفسك وبين من هو أكثر عيوباً منها فتستسهل الرذائل، وتكون مقلداً لأهل الشر، وقد ذم تقليد أهل الخير، فكيف تقليد أهل الشر! لكن مثل بين نفسك، وبين من هو أفضل منك فحينئذ يتلف عجبك وتفيق من هذا الداء القبيح الذي يولد عليك الاستخفاف بالناس وفيهم بلا شك من هو خير منك.
فوائد من كتاب الفوائد 2
سر التوكل وحقيقته هو اعتماد القلب على الله وحده، فلا يضره مباشرة الأسباب مع خلو القلب من الاعتماد عليها والركون إليها، كما لا ينفعه قوله: توكلت على الله، مع اعتماده على غيره وركونه إليه وثقته به، فتوكل اللسان شيء، وتوكل القلب شيء، فقول العبد: توكلت على الله مع اعتماد قلبه على غيره، مثل قوله: تبتُ إلى الله، وهو مصر على معصيته مرتكب لها.