باب التغليظ في تحريم السحر
باب التغليظ في تحريم السحر
تطريز رياض الصالحين
قال الله تعالى: {وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر} الآية. [البقرة (102)]
----------------
قال البخاري: باب السحر وقول الله تعالى: {ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر} الآية. قال الحافظ: قال الراغب وغيره: السحر يطلق على معان: أحدها: ما لطف ودق، ومنه سحرت الصبي: خادعته، واستملته. الثاني: ما يقع بخداع وتخيلات لا حقيقة له، نحو ما يفعله المشعوذ من صرف الأبصار عما يتعاطاه بخفة يده، وإلى ذلك الإشارة بقوله تعالى... {يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى} [طه (66)]. الثالث: ما يحصل بمعاونة الشياطين بضرب من التقرب إليهم، وإلى ذلك الإشارة بقوله تعالى: {ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر}. الرابع: ما يحصل بمخاطبة الكواكب، واستنزال روحانيتها بزعمهم. واختلف في السحر، فقيل: هو تخيل فقط، ولا حقيقة له. قال النووي: والصحيح أن له حقيقة، وبه قطع الجمهور، وعليه عامة العلماء. قال الحافظ: وفي هذه الآية: بيان أصل السحر الذي يعمل به اليهود، ثم هو مما وضعته الشياطين على سليمان بن داود عليه السلام، ومما أنزل على هاروت وماروت بأرض بابل. وقد استدل بهذه الآية على أن السحر كفر ومتعلمه كافر، وهو واضح في بعض أنواعه، وهو التعبد للشياطين أو الكواكب. وأما النوع الآخر الذي هو من باب الشعوذة، فلا يكفر به من تعلمه أصلا. قال النووي: عمل السحر حرام، وهو من الكبائر بالإجماع، فإن كان فيه قول أو فعل يقتضي الكفر، فهو كفر وإلا فلا. وأما تعلمه وتعليمه، فحرام. فإن كان فيه ما يقتضي الكفر، كفر واستتيب منه، وإلا يقتل، فإن تاب، قبلت توبته. وإن لم يكن فيه ما يقتضي الكفر، عزر. وعن مالك: الساحر كافر يقتل بالسحر ولا يستتاب، بل يتحتم قتله كالزنديق. قال عياض: وبقول مالك قال أحمد، وجماعة من الصحابة والتابعين. قال الحافظ: وفي إيراد المصنف - أي البخاري - هذه الآية إشارة إلى ختيار الحكم بكفر الساحر، لقوله فيها: {وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر}، فإن ظاهرها أنهم كفروا بذلك، ولا يكفر بتعليم الشيء، إلا وذلك الشيء كفر. وكذا قوله في الآية على لسان الملكين: {إنما نحن فتنة فلا تكفر}، فإن فيه إشارة إلى أن تعلم السحر كفر، فيكون العمل به كفرا. وهذا كله واضح على ما قررته من العمل ببعض أنواعه. انتهى ملخصا.
باب التغليظ في تحريم السحر
تطريز رياض الصالحين
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «اجتنبوا السبع الموبقات». قالوا: يا رسول الله، وما هن؟ قال: «الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف؛ وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات». متفق عليه.
----------------
الموبقات: المهلكات. قال الله تعالى: {من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار} [المائدة (72)]. وقال تعالى: {ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضآرين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق} [البقرة (102)]، أي: من نصيب. وقال تعالى: {ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزآؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما} [النساء (93)]. وقال - صلى الله عليه وسلم -: «من قتل معاهدا، لم يرح رائحة الجنة». وقال تعالى: {الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون} [البقرة (275)]. وقال تعالى: {إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا} [النساء (10)]. وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير} [الأنفال (15،... 16)]. وقال تعالى: {إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم} [النور (23)].