باب استحباب تحسين الصوت بالقرآن
باب استحباب تحسين الصوت بالقرآن
تطريز رياض الصالحين
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن يجهر به». متفق عليه.
----------------
معنى «أذن الله»: أي استمع، وهو إشارة إلى الرضا والقبول. قال البخاري: باب من لم يتغن بالقرآن، وقوله تعالى: {أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم} [العنكبوت (51)]، وذكر الحديث بمعناه. التغني بالقرآن: تحسين الصوت بقراءته، وقيل: الاستغناء به، وقيل: التحزن به. وقيل: التشاغل به، وقيل: التلذذ به والاستحلاء له. وقيل: أن يجعله هجيراه كما يجعل المسافر والفارغ هجيراه الغناء كعادة العرب، فلما نزل القرآن أحب النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يكون هجيراهم القراءة مكان التغني والترنم. وفي رواية عند الطحاوي: «حسن الترنم بالقرآن». وفي حديث عقبة بن عامر رفعه: «تعلموا القرآن وتغنوا به وأفشوه». وقال عبيد بن عمير: كان داود عليه السلام يتغن حين يقرأ، ويبكي، ويبكي. قال الحافظ: والحاصل أنه يمكن الجمع بين أكثر التأويلات. وهو أنه يحسن به صوته جاهرا به، مترنما على طريق التحزن، مستغنيا به عن غيره من الأخبار، طالبا به غنى النفس، راجيا به غنى اليد، وقد نظمت ذلك في بيتين:؟؟... تغن بالقرآن حسن به الصوت... حزينا جاهرا رنم واستغن عن كتب الألى طالبا... غنى يد والنفس ثم الزم ولاشك أن النفوس تميل إلى سماع القراءة بالترنم أكثر من ميلها لمن لا يترنم؛ لأن للتطرب تأثيرا في رقة القلب، وإجراء الدمع. وكان بين السلف اختلاف في جواز القرآن بالألحان، أما تحسين الصوت وتقديم حسن الصوت على غيره فلا نزاع في ذلك. قال النووي: أجمع العماء على استحباب تحسين الصوت بالقرآن ما لم يخرج عن حد القراءة بالتمطيط، فإن خرج حتى زاد حرفا، أو أخفاه حرم. انتهى ملخصا.